أكاسيد الكربون وأكاسيد الكبريت من الملوثات الكيميائية للبيئة



أكاسيد الكربون وأكاسيد الكبريت من الملوثات الكيميائية للبيئة

 في هذا الموضوع سنناقش أكاسيد الكربون والكبريت الملوثة للبيئة ولكن دعونا نلقى نظرة على تلوث البيئة بشكل عام من الناحية الكيميائية.

الملوثات الكيميائية للبيئة

إن تلوث الهواء بالغازات يأتي معظمه من احتراق الوقود . وقد بدأ هذا التلوث بقدم إحراق الإنسان للخشب والفحم.
 
بدأت الحكومات مبكراً بوضع حداً لمثل هذا التلوث. فقد أمر البرلمان البريطاني في وقت مبكر عام 1273م منع إحراق الفحم في لندن.
 
على الرغم من أن كيمياء الغازات غير معروفة في ذلك الوقت إلا أن البرلمان البريطاني أراد أن يقلل الدخان.
 
الدخان هو الناتج المرئي من الاحتراق غير الكامل ويرافقه غازات كيميائية. والدخان عبارة عن أجزاء صغيرة الحجم متوسط قطرها 0.075 ميكرون ويتكون من تركيبات كيميائية مختلفة تحتوي بصورة أساسية على الكربون والهيدروكربونات وجزيئات المعادن المختلفة.

نواتج احتراق الوقود

يتكون الوقود من عنصر الكربون ومركبات الكربون ويعطي عند الاحتراق حرارة كما أن الغاز الرئيسي الذي يتصاعد منه هو غاز ثاني أكسيد الكربون غير السام إذا كان الهواء متوفراً بشكل جيد إلا أن تركيز الأكسجين الموجود في الهواء قد يتناقص مما يؤدي إلى احتراق غير كامل وبذلك يتكون أول أكسيد الكربون السام.
 
بينما تتصاعد أكاسيد النيتروجين نتيجة لتفاعل النيتروجين الجوي مع الأكسجين في وجود حرارة الاحتراق.
 
بالإضافة إلى ذلك تتصاعد أكاسيد الكبريت لاحتواء الوقود سواء الفحم أو البترول على مركبات الكبريت.

أبرز حوادث تلوث الهواء

  من أبرز الأمثلة على حوادث تلوث الهواء هو التلوث الذي حدث في لندن في الفترة من 3 إلى 10 ديسمبر عام 1952م إذ سكن الهواء وانخفضت درجة الحرارة وازدادت الرطوبة وكثر الضباب الدخاني  Smogالملوث بالغازات السامة مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات المتصاعدة من مواقد الفحم في البيوت والمصانع وانعدمت الرؤية حيث أصبح مداها في حدود ثلاثة أمتار مما أدى إلى موت أربعة الآف شخص.

مصادر تلوث الماء

 لعل أهم مصادر تلوث الماء هو تدفق مياه المجاري والمخلفات والمياه الصناعية والبترول إلى المسطحات المائية عن طريق مياه الأمطار أو الرياح عند ملامستها لسطح الماء.
 
لعل القاسم المشترك بين هذه الملوثات السابقة هو تأثيرها على تركيز الأكسجين في الماء ويتم ذلك عن طريق نمو الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا في المياه الملوثة بمياه المجاري حيث تستهلك هذه الكائنات الأكسجين المذاب في الماء لتكسير المواد الكيميائية العضوية الملوثة للماء مما يؤثر على تركيز الأكسجين في الماء ويهدد الحياة البحرية.
 
الملوثات البحرية السامة مثل العناصر الثقيلة والمبيدات وغيرها تصل إلى الكائنات الحية مثل الأسماك والنباتات مما يؤثر على نموها وتكاثرها على الإنسان المستهلك النهائي لهذه الكائنات. هذا بالإضافة إلى الأخطار المباشرة على الإنسان من تعرض مياه الشرب للتلوث سواء بالكائنات الحية الدقيقة أو بالكيميائيات السامة.

أهم الملوثات الكيميائية للبيئة

(1) أكاسيد الكربون

(2) أكاسيد الكبريت

(3) كبريتيد الهيدروجين



(4) فلوريد الهيدروجين

(5) أكاسيد النيتروجين

(6) الهيدروكربونات

(7) المعادن الثقيلة

(8) الجسيمات



(9) المبيدات الحشرية

ولكن في هذا الموضوع سنناقش فقط أكاسيد الكربون والكبريت على أن تتم مناقشة باقي الملوثات الكيميائية في الدروس القادمة

أولاً/ أكاسيد الكربون Carbon Oxides

تشمل أكاسيد الكربون كل من أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون. وهي غازات عديمة اللون والرائحة.

وتعتبر أكاسيد الكربون واحدة من أشهر الملوثات الكيميائية المعروفة.

 المصدر الرئيسي لأكاسيد الكربون هو احتراق الوقود سوءاً من مداخن المصانع أو محطات توليد الكهرباء أو محركات السيارات أو الطائرات التي بدأ يزداد عددها سنة بعد الأخرى أو وسائل النقل المختلفة أو من الاحتراق لغرض التدفئة وكذلك من الحرائق ومن احتراق القمائم وغيرها.

غاز ثاني أكسيد الكربون CO2

غاز ثاني أكسيد الكربون غير سام. إلا أن تواجده بتراكيز عالية جداً يؤثر على تركيز الأكسجين مما يسبب الاختناق.

يعتقد بعض العلماء أنه نظراً لزيادة استهلاك الوقود فإن كمية ثاني أكسيد الكربون قد تزداد في الغلاف الجوي. مما يسبب في المستقبل تغيرات في الظروف الجوية وارتفاعاً في درجة الحرارة. وذلك لقدرة ثاني أكسيد الكربون على امتصاص الأشعة تحت الحمراء القادمة من الشمس.

– الإ أن فريقاً آخر من العلماء يعتقد أن التمثيل الضوئي للنباتات وذوبان ثاني أكسيد الكربون في ماء المطر كفيلان بأن يبقيا نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء دون تغير يذكر.

يتصاعد ثاني أكسيد الكربون من احتراق الوقود إذا كان الهواء متوفراً بشكل جيد. إلا أن تركيز الهواء قد يتناقص مما يؤدي إلى احتراق غير كامل. وبذلك يتكون أول أكسيد الكربون السام. ويزداد الاحتراق غير التام.

 يزداد الاحتراق غير التام من المواد الكيميائية الصادرة من عوادم السيارات وذلك لارتفاع نسبة الوقود لنسبة الهواء في المحرك حيث أن النسبة الصحيحة هي جزء وقود إلى 15 جزء من الهواء في السرعات المتوسطة داخل المدن وتختلف هذه النسبة باختلاف السرعة.

غاز أول أكسيد الكربون CO

 ترجع سمية أول أكسيد الكربون إلى قدرته على الإتحاد مع الهيموجلوبين وتكوين مركب كاربوكسي هيموجلوبين الذي يحد من قدرة الدم على الاتحاد مع الأكسجين مما يؤدي إلى عدم وصول الأكسجين اللازم إلى خلايا الجسم.

 أن تنفس الهواء الذي يحتوي على 1000 جزء في المليون ppm من أول أكسيد الكربون يسبب الموت السريع.

 وجد أن حالات التسمم بأول أكسيد الكربون تحتوي على %50 إلى 80% من الهيموجلوبين متحد بأول أكسيد الكربون على شكل كاربوكسي هيموجلوبين وع ذلك فإن انتزاع أول أكسيد الكربون من الهيموجلوبين عملية سريعة أيضاً. فمثلاُ نجد أن الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة يفقدون نصف أول أكسيد الكربون المتحد مع الهيموجلوبين في خلال ثلاث أو أربع ساعات من تعرضهم لهذا الغاز.

 أول أكسيد الكربون على عكس الملوثات الكيميائية الأخرى يعتبر من المواد الخطرة إذا تم التعرض له بكميات مركزة في وقت قصير.

 يزاد تركيز أول أكسيد الكربون في المدن المزدحمة بالسيارات وقد يصل إلى نسبة قدرها 100 جزء في المليون خاصة في الأنفاق وفي بعض الحالات في الشوارع المزدحمة بالسيارات علماً بأن هذه النسبة قد تسبب عند بعض الناس خاصة المصابين بفقر الدم بعض الأعراض مثل وجع الرأس والدوخة وحاجة إلى النوم. لذلك في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يعتبر التعرض لأول أكسيد الكربون الموجود بنسبة 120 جزء من المليون لمدة ساعة أو 30 جزء من المليون لمدة ثمان ساعات يعتبر نسبة خطرة جداً.

 على الرغم من أن الدراسات تبين أن نسبة أول أكسيد الكربون في الهواء تتضاعف نظرياً كل خمس سنوات إلا أنه من ناحية أخرى يجب أن نعرف أن كميته تتناقص عن طريق أكسدته إلى ثاني أكسيد الكربون حيث تتم الأكسدة في الجو ببطء في وجود أشعة الشمس بمعدل 1% من أول أكسيد الكربون في الساعة . وهو غاز قابل للاشتعال في وجود الأكسجين ويعطي ثاني أكسيد الكربون.

ثانياً/ أكاسيد الكبريت Sulfur Oxides

 تشمل أكاسيد الكبريت كل من ثاني أكسيد الكبريت وثالث أكسيد الكبريت.

– يتصاعد غاز ثاني أكسيد الكبريت من حرق الكبريت أو الكبريتيد أو مركبات الكبريت بشكل عام. كما أن النسبة العظمى تأتي من احتراق الوقود (سواء الفحم أو البترول) المحتوي على مركبات الكبريت حيث يوجد الكبريت في الفحم والبترول بنسب متفاوتة.

يحتوي الفحم على 0.4 إلى 0.5 % كبريت على شكل مركبات كبريتية مثل بايرات الحديد FeS2 ومركبات غير عضوية. وقد وجد أن احتراق الفحم يعطي 6 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت في السنة في بريطانيا لوحدها، لذلك فأن عملية انتزاع مركبات الكبريت من الفحم لها دور فعال لاختزال مشكلة التلوث بأكاسيد الكبريت.

 يحتوي وقود البترول على نسبة مقاربة لنسبة الكبريت في الفحم ويوجد الكبريت في البترول على شكل كبريتيد الهيدروجين أو مركبات عضوية.

 هذا ويتكون ثاني أكسيد الكبريت مع قليل من ثالث أكسيد الكبريت عن طريق مصادر طبيعية مثل البراكين.

يتميز غاز ثاني أكسيد الكبريت برائحة نفاذة وغير سارة. وهو أعلى كثافة من الهواء الجوي ولا يحترق ولا يساعد على الاحتراق.

غاز ثالث أكسيد الكبريت SO3

 ثالث أكسيد الكبريت هو سائل درجة غليانه 45 مo لذلك فهو سهل التطاير.

ثالث أكسيد الكبريت شديد الميل للماء ويكون حمض الكبريتيك. لذلك فهو يعتبر حمض كبريتيك فقد ماءه ويسمى حمض الكبريتيك اللامائي.

يتكون ثالث أكسيد الكبريت لنفس أسباب تكون ثاني أكسيد الكبريت ولكن بنسبة اقل بكثير وبشكل عام توجد المادتين مع بعض في معظم الحالات. كما أنه يتكون ببطء من تأكسد ثاني أكسيد الكبريت في وجود أشعة الشمس.

غاز ثاني أكسيد الكبريت SO2

يتميز غاز ثاني أكسيد الكبريت برائحة نفاذة وغير سارة. وهو أعلى كثافة من الهواء الجوي ولا يحترق ولا يساعد على الاحتراق.

يذوب ثاني أكسيد الكبريت في الماء ليكون حمض الكبريتوز غير الثابت. حيث يتأكسد بسهولة إلى حمض الكبريتيك بعوامل مؤكسدة مختلفة.

 تلوث الهواء بأكاسيد الكبريت يؤدي إلى تكون وتساقط حمض الكبريتوز وحمض الكبريتيك عن طريق الرطوبة الموجودة بالهواء الجوي أو عن طريق المطر مما يشكل الأمطار الحمضية ويزيد من مشكلة التلوث.

يؤثر ثاني أكسيد الكبريت على الأغشية المخاطية. ويسبب التهاباً في الجهاز التنفسي كما يسبب الكحة وضيق التنفس وعدم الراحة. وعندما تزداد كميته في الهواء فأنه يؤدي إلى تشنج الحبال الصوتية وإلى الاختناق.

 عندما يصل تركيز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء إلى نسبة قدرها واحد إلى خمسة جزء في المليون فإنه يسبب عدم الراحة وصعوبة في التنفس. أما التعرض لمدة ساعة وبتركيز يصل إلى عشرة جزء في المليون فأنه يؤدي إلى الآم حادة وأعراض خطرة. 

 في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يعتبر وجود ثاني أكسيد الكبريت بتركيز خمسة جزء في المليون يعتبر تلوث خطر.

 على الرغم من أن ثاني أكسيد الكبريت يدخل عن طريق الجهاز التنفسي ويخرج من البول على شكل كبريتات الإ أن أعراضه لها صفة الاستمرارية على عكس أول أكسيد الكربون الذي يمكن إنقاذ صاحبه إذا تم التخلص منه بسرعة.

يؤثر ثاني أكسيد الكبريت على النباتات إذ يحدث أضراراً في أوراقها. ويعتمد هذا الضرر على تركيزه فعند زيادة يؤدي إلى جفاف الخلايا وموتها. وقد وجد أن بعض النباتات تتأثر بشكل واضح عند تراكيز منخفضة تصل 0.02 جزء في المليون.

أضرار غاز SO3 الغير مباشرة 

بالإضافة إلى ضرر ثاني أكسيد الكبريت المباشر فإن ضرره غير المباشر يأتي من تحوله إلى أحماض الكبريت. مما يؤدي إلى أضرار بالغة لهذه الأحماض إلى الجهاز التنفسي عن طريق بخار الماء وتسبب التهابات وأضراراَ أكثر مما يسببه ثاني أكسيد الكبريت. كما أن هذه الأحماض تؤثر على الكائنات الحية الأخرى النباتية والحيوانية. وكذلك تؤثر على المعادن ومواد البناء حيث تساعد على تآكلها حتى ولو كانت هذه الأحماض بتراكيز منخفضة.

أما بالنسبة لثالث أكسيد الكبريت ، فأنه على عكس ثاني أكسيد الكبريت يتحول بسرعة إلى حمض الكبريتيك. لذلك فإن ضرره ينبع من تكون حمض الكبريتيك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *